تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

حقل "البلدية" وبيدر "النيابية" . بقلم الكاتب جورج صباغ . 

حقل "البلدية" وبيدر "النيابية" . بقلم الكاتب جورج صباغ . 

ثقيلٌ كان شهر أيار على اللبنانيين وأُسدل الستار على مسرح الاستحقاق البلدي والإختياري في 24 أيار الجولة الرابعة و
الأخيرة في محافظتي الجنوب والنبطية.

بداية لا بد من التنويه والإشادة بإتمام هذا الاستحقاق بنجاح كبير وسلاسة لافتة وإن تخلله بعض الشوائب الإدارية البسيطة ، وقد جاء تنفيذا لوعود سيد العهد في خطاب القسم والحكومة ببيانها الوزاري وتصميمهما على إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها ودون ابطاء او تردد ، يقابلهما حسن التحضير والإعداد لها ومواكبتها من قبل الوزارات المعنية وفي مقدمها وزارة الداخلية وبنزاهة وكفاءة وزيرها ودقة تنظيمه وحياديته ، كما كل التقدير والتنويه بعمل القوى العسكرية والأجهزة الأمنية كافة وعلى رأسها الجيش اللبناني ، الذين سهروا على حماية العملية الإنتخابية برمتها ومنعوا اي عمل مخلِِ بالأمن بحزم ، إضافة إلى الجهود التي بُذلت من الإعلاميين وكافة الوسائل التلفيزيونية والمواقع الإلكترونية والصحافة المقروءة والمسموعة عامة التي أمنت التغطية الواسعة والشاملة على مدى أربعة اسابيع  متتالية .

 الكل خرج من هذا الاستحقاق منتصرا .

غريب أمر شعبنا وقياداته السياسية ، فبعد انقشاع غبار المعارك الإنتخالية الحامية وبدء صدور النتائج الأولية وفق ماكينات كل فريق وقبل صدورها رسميا من قبل وزارة الداخلية ، بدأت الاحتفالات واعراس "النصر المُبين" والدبكات الفولكلورية المتنوعة والإحتفالات بالزغردة وبث الاناشيد الحماسية لا سيما الحزبية وسُيّرت المواكب وأطلقت منبهات السيارات ووزعت الحلوى والمشروبات ضمن حلقات الرقص وفي ساحات البلدات وأمام المكاتب الإنتخابية والحزبية على وجه الخصوص التي رفعت على سطوحها وامامها الأعلام والصور ، إضافة إلى صيحات التحدي والهوبرة والبهورة والإستفزاز غالبا ، وأطلقت المفرقعات وأحيانا الرصاص القاتل والألعاب النارية ، وكأننا حررنا القدس ، ليتبين لاحقا أن من يبتهجون بالنصر هذا ليسوا سوى إما مؤيدون للوائح فازت او لهم فيها عضو او اثنين او ثلاثة او اربعة في أفضل حال ، وهذا ما اقترفته معظم الجهات السياسية والأحزاب على وجه الخصوص التي تلطت خلف العائلات في هذه المعارك وأعلنت فوز لوائح لها بالكامل .

كل الجهات والقوى السياسية والاحزاب ، ولكي تضمن لها مواقع في هذا الاستحقاق ، ركّبت تحالفات ( مشروعة من حيث المبدأ ) إلا انها جاءت أما هجينة او مستغربة في معظم الأحيان ( عالقطعة ووفق وضع البلدة او المدينة ) والهدف واحد إثبات الوجود على حساب التنمية الحقيقية والقناعات السياسية .
لذلك شهدنا على تحالفات ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية ، في معظم مدن وبلدات المحافظات .

*الاستفزاز يقابل بمثله *.
 
 كل فريق او حزب اوتيار سياسي ، أجرى عراضات إعلامية لرفع معنويات انصاره مُضخِما نتائجه في هذه الإنتخابات وليرد على استفزازات اخصامه التي بلغت حد التحدي القاسي الجائر والفاجر في أغلب الأحيان ، ولهذا الغرض أقام كل فريق او طرف سياسي أكثر من مؤتمر صحافي او طلة إعلامية لرفع المعنويات وإثبات الحضور كما نوهنا من جهة ولإخافة وترهيب الخصوم من جهة ثانية .

هذه الإنتخابات البلدية وإن كان عنوانها عائلي ولبوسها إنمائي فهي تشكل ( تجربة وجص نبض وتقدير للاحجام والتحالفات السياسية في الإنتخابات النيابية المقبلة بعد عام ) ،

والسؤال المطروح الآن هل يأتي حساب حقل الإنتخابات البلدية مطابقاً لحساب بيدر الإنتخابات النيابية علما ان الكل بدأ منذ الآن إعادة النظر بكل ما يتعلق "بالنيابية"  وعلى كل المستويات إنطلاقا من "البلدية" ونتائجها ، 
حيث من المتوقع أن تحصل طبيعيا عند كل الجماعات والطوائف من خلال التفاهمات والتحالفات ( كما حصل ويحصل ) ، إلا أن رحى طواحين الخصومة ستفعل فعلها في المجتمع المسيحي كما هي الحال وما نعيشه من تبعثر وتشرذم وكما تدل المؤشرات ( مع الأسف الشديد ) إذ تبلغ الخصومة درجات العداوة المدمرة للمجتمع ، تحت عنوان الديمقراطية والتعددية الحضارية ، بينما الواقع مغاير تماما فهو للمصالح الفئوية والشخصية ليس إلا ، ( انا او لا أحد ، الأمر لي ، بيّي اقوى من بيّك ، انت مش افضل مني . ...  )
نختم بتقديم تهانينا للفائزين على أمل النهوض بمدنهم وبلداتهم وتنفيذ المشاريع التنموية الضرورية ، وللراسبين لقد خضتم تجربة ديمقراطية حقيقية حفزتكم للمستقبل تعاونوا مع زملائكم واقاربكم لما فيه خير الجميع . 

الى أيار المقبل عام 2026 ، نأمل أن يهتدي الجميع ، ونختم قائلين :  

كل جماعة انقسمت على نفسها زالت ،
والسلام .

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.